جراحات القلب من أكثر الجراحات الحرجة انتشارا والتي يخضع لها عدد كبير من المرضى لأهداف مختلفة حول العالم، ولكن ما بعد عملية ثقب القلب للكبار؟ وهل يعود الشخص إلى حياته الطبيعية؟ وما هي الإجراءات الوقائية التي يحتاج إليها المريض في تلك الفترة؟ ذلك في محاولة للتعرف على الطريقة المثالية للوصول إلى التعافي التام وتفادي أي آثار جانبية خطيرة قد تهدد حياة المريض أو تؤثر في نسبة نجاح الجراحة وتحقيق الهدف منها.

ما بعد عملية ثقب القلب للكبار

ما بعد عملية ثقب القلب للكبار

يخضع المريض إلى تلك الجراحة نتيجة للإصابة بمرض الثقب الأذيني الجداري وهو عبارة عن ثقب دقيق بين أذيني القلب، وهو في العادة تشوه خلقي ينتج عن عدم انغلاق الجدار الفاصل بين الأذينين في مرحلة تطور ونمو الجنين بشكل كامل، كما أن للإصابة به بعض العوامل الجينية والوراثية، والعوامل الخارجية المختلفة كالأمراض المزمنة التي تصيب الأم في مرحلة الحمل.

يؤثر ذلك التشوه على الوظيفة الأساسية والحيوية للقلب بشكل سلبي، فيؤدي إلى خلل معدل ضربات القلب وتضخم حجمه والتعرض لمخاطر السكتة القلبية والوفاة؛ لذا كان من اللازم اللجوء إلى ذلك النوع من الجراحات للتخلص من الكثير من أعراض الخلل والتي تظهر في صورة ضيق بالتنفس واضطراب نبضات القلب وضعف عام وإجهاد مستمر.

النقاهة ما بعد عملية ثقب القلب للكبار

تتراوح فترة النقاهة من عمليات القلب لعلاج مشكلة ثقب القلب ما بين ستة إلى 8 شهور، ليبدأ المريض في التعافي واستعادة حياته وأنشطته الطبيعية بشكل تدريجي، الأمر الذي يتوقف على عدد من العوامل المختلفة مثل طبيعة جسم المريض والأمراض المزمنة المصاب بها وعمره، بالإضافة إلى مدى الالتزام ببعض التعليمات الهامة والتي يحددها الطبيب المعالج في برنامج خاص ومناسب وفقًا لرؤية الطبيب للحالة، الأمر الذي قد يتطلب تعديل أسلوب حياة الشخص بما يتناسب مع تلك الفترة وذلك من خلال مراعاة التالي:

العلاجات والأدوية الضرورية

يحتاج المريض بعد العملية إلى المتابعة الطبية المستمرة والخضوع إلى بعض الفحوصات الهامة للاطمئنان على استقرار حالة القلب ونجاح العملية وذلك خلال زيارات منتظمة للطبيب المعالج بدايةً من الأسبوع الثاني من العملية، الأمر الذي يُفيد في الكشف المبكر لأي خلل أو مضاعفات خطيرة قد تطرأ في تلك الفترة، ومن أهم تلك الفحوصات الخضوع لرسم القلب الدوري واختبار الإجهاد، وقياس معدل ضغط الدم بالجسم مع معدل نبضات القلب.

مع ضرورة الالتزام بالخطة العلاجية الموصوفة من قِبل الطبيب المختص وتناول الأدوية والعقاقير الطبية المحددة بصورة دقيقة ومنتظمة، دون اللجوء إلى تناول أي أنواع من الأدوية أو المسكنات دون الرجوع إلى الطبيب أولاً، وأهم الأدوية المستخدمة في تلك الفترة أدوية السيولة والمسكنات.

تمارين ما بعد عملية ثقب القلب للكبار

على العكس من الاعتقاد السائد عن ضرر الحركة وخاصةً ممارسة التمارين الرياضية فيما بعد عملية ثقب القلب للكبار، فإن للتمارين الرياضية بالغ الأثر في تسريع عملية التعافي وتحسن صحة المريض، وذلك من خلال عدد من التمارين المفيدة والتي يبدأ المريض في ممارستها من اليوم الأول للإفاقة بعدها، حيث تعمل على تقوية عضلة القلب وتعزيز قدرتها على القيام بالوظيفة الحيوية لها من ضخ الدم إلى جميع أجزاء الجسم، كما تحسن من الدورة الدموية بالجسم وضبط ضغط الدم والتخفيف من الضغوط والاضطرابات النفسية في تلك الفترة؛ ومن أهم تلك التمارين المفيدة بعد الحرجة:

  • تمارين التنفس، والتي تعمل على تخليص الرئتين مما يتراكم بها من مخاط وملوثات تعيق عمل القلب بكفاءة.
  • تمارين الهوائية، مثل السباحة وتمارين الدراجة الهوائية والتي تعمل على تقوية عضلات الجسم وتنشيط الدورة الدموية.
  • تمارين التمدد والاسترخاء، ذات التأثير الممتاز في التعافي السريع والكامل بعد الخضوع للجراحة بشكل كبير.
  • رياضة المشي، أفضل الرياضات وأسهلها والتي يمكن ممارستها دون الحاجة إلى معدات أو تحضيرات خاصة.

على أن يتم ذلك تبعًا لبرنامج خاص من التأهيل العضلي للمريض تحت إشراف الطبيب المعالج ومتخصصي العلاج الطبيعي بعد عمليات القلب، مع ضرورة التدرج في نوعية وحدة تلك التمارين، على أن تتكامل مع النشاط البدني المبذول في تلك الفترة للأنشطة اليومية.

النظام الغذائي بعد عملية ثقب القلب

اتباع نظام صحي متوازن يمد الجسم بكافة احتياجاته من العناصر الغذائية الضرورية للصحة العامة بالجسم وصحة القلب بشكلٍ خاص، ذلك بعيدًا عن الأطعمة الضارة خاصةً المشبعة بالدهون والمؤدية إلى ارتفاع الكوليسترول الضار للقلب، مثل الوجبات السريعة والمقليات؛ في المقابل ينصح بالتركيز على الوجبات الغنية بالبروتينات كاللحوم ومنتجات الألبان قليلة الدسم في وجبات متوازنة موزعة على مدار اليوم.

الممارسات الإيجابية للمريض بعد العملية

لمرحلة التعافي بعد الجراحة عدد من النقاط الصحية والهامة والتي يجب الالتزام بها لتفادي الكثير من مخاطر تلك المرحلة الحرجة من حياة مرضى ثقب القلب، ومن أهم تلك الممارسات:

  • العناية الفائقة بنظافة جرح العملية في الصدر وملاحظة أي تغير في لون الجرح أو شكل الجلد المحيط به.
  • التعامل مع الجرح برفق دون فرك أو خدش، واستشارة الطبيب عن الحاجة إلى استعمال أيٍ من الكريمات أو المراهم الجلدية بتلك المنطقة.
  • يجب الحرص على عدم وصول الماء إلى جرح الصدر، عند الاستحمام وذلك بعد 3 أيام من العملية، مع الانتظام على خطوات التعقيم المحددة من قِبل الطبيب بكل دفة.
  • تجنب القيادة أو العمل على الأجهزة الخطرة أثناء الشهر الأول من العملية، وكذلك حمل الأوزان الثقيلة.
  • الحرص على الحصول على قدرٍ كافي من الراحة الجسدية والنفسية أيضًا بعيدً عن أي ضغوط أو اضطرابات عصبية، وذلك لتأثيرها الخطير على صحة القلب وانتظام ضرباته.
  • السيطرة على الوزن والتخلص من السمنة المفرطة لتجنب مخاطرها على صحة القلب والأوعية الدموية بعد العملية.
  • يحتاج الشخص في فترة ما بعد عملية ثقب القلب للكبار إلى التواجد في أماكن جيدة التهوية نظيفة بعيدًا عن الملوثات والأدخنة الضارة.
  • التوقف عن التدخين وتناول الكحوليات، ذلك لإتاحة الفرصة ليستعيد القلب القدرة على العمل بالكفاءة المطلوبة في تلك الفترة.

أعراض ما بعد عملية ثقب القلب للكبار

قد تظهر عدد من الأعراض المزعجة التي لا تسبب الكثير من القلق في تلك المرحلة والتي تنتج عن تعرض الجسم للتخدير أثناء العملية لفترة طويلة وتبعات الخضوع للجراحة، مثل تورم القدمين بعد العملية وآلام الصدر وضيق التنفس، بجانب اضطرابات عملية النوم والتقلبات المزاجية الحادة، ولا تلبث أن تختفي تلك الأعراض تدريجيًا وبصورة كاملة بمرور الوقت، لكن من الضروري ملاحظة أي تدهور أو تضاعف لحدة تلك الأعراض، وكذلك استمرار تلك الأعراض لفترة طويلة، فحينها يلزم اللجوء إلى التدخل الطبي فورًا للتعامل معها بشكل مناسب لتفادي أي مخاطر صحية قد تطرأ عليه.

استعادة الحياة الطبيعية بعد العملية

عادةً من يبدأ الشخص المتعافي من تلك الجراحة في العودة إلى ممارسة مهام حياته وأنشطته اليومية بشكل طبيعي بدايةً من الشهر الرابع منها، وتشمل تلك الأنشطة السفر وممارسة الرياضة والمهام الوظيفية والعملية المختلفة، لكن يفضل استشارة الطبيب أولاً قبل الشروع في أيٍ منها لتغير طبيعة الجسم وحالته الصحية من شخص لآخر؛ كما يمكن ممارسة العلاقة الزوجية بعد العملية بعد مرور فترة تتراوح ما بين الأسبوع الـ 6 إلى 8 من العملية.

في الختام فإن مرحلة ما بعد عملية ثقب القلب للكبار من المراحل الفاصلة والحساسة في حياة المريض، والتي تبدأ من وحدة العناية المركزة ليقضي فيه المريض يومين على الأكثر وتمتد بعدها لما يقارب الـ 3 أشهر، يحتاج فيها المريض إلى الدعم المعنوي والنفسي لتمر بسلام.

يسعدنا مشاركة المقال