عملية القلب المفتوح للأطفال هي أحد الخيارات الهامة للتعامل مع الكثير من العيوب الخلقية بالقلب والمنتشرة بشكل كبير بين الأطفال، والتي ينتج عنها عدد من الأعراض القاسية في الكثير من الأحيان، مما يستدعي التدخل الجراحي الحرج للتعامل معه قبل التعرض لأي مشاكل صحية خطيرة قد تهدد حياة الطفل، فما هي طبيعة العملية؟ وهل تمثل خطورةً على حياة الطفل؟ هذا ما سنتعرف عليه في السطور التالية بشيءٍ من التفصيل.

عملية القلب المفتوح للأطفال

ما هي عملية القلب المفتوح للأطفال؟ (Open heart surgery)

تمثل العيوب الخلقية في القلب للأطفال عامل شديد الخطورة يودي بحياة عدد كبير من الأطفال سنويًا، لكن مع ظهور عمليات القلب المفتوح وتطورها بشكل كبير في وقتنا الحالي أصبح بالإمكان إنقاذ نسبة كبيرة منهم بل والعودة إلى الحياة والأنشطة المعتادة بصورة طبيعية إلى حدٍ كبير، على أن يتم التشخيص الصحيح والمبكر لها والتدخل الطبي في الوقت المناسب والذي قد يكون في صورة علاجات دوائية قبل اللجوء إلى عملية بالقلب، والتي يتوقف توقيت إجرائها سواءً بالتدخل على الفور، أو بتأجيلها لفترة على طبيعة وحدة المشكلة بالقلب تبعًا لرؤية الطبيب.

أسباب عملية القلب المفتوح للأطفال؟

تختلف الأمراض القلبية التي تستدعي ذلك الإجراء الجراحي الخطير نسبيًا، لحساسية موضع الإصابة بذلك العضو الحيوي بالجسم، والطبيب المختص هو المسئول الوحيد عن تحديد تلك الأسباب ومدى ضرورة اللجوء إلى العملية بالقلب، ومن أشهر وأهم تلك الأسباب:

  • فشل القلب نتيجة الإصابة بتضخم القلب أو وجود دم زائد بالرئتين.
  • ضعف عضلة القلب.
  • خلل بصمامات القلب.
  • رباعية فالو.
  • القناة الشريانية المفتوحة.
  • اضطراب النظام القلب.
  • الثقوب القلبية بين الأذينين أو البطينين.
  • ترقيع الأوعية الدموية المتضررة بالقلب.

أعراض القلب المفتوح للأطفال؟

يبدأ الطبيب المختص في اكتشاف حالات القلب التي قد تستدعي التدخل الجراحي للأطفال منذ مرحلة الحمل بالجنين وتواجده برحم أمه في الكثير من الحالات من خلال بعض الأعراض التي قد تظهر جلية عند خضوع الأم إلى فحص الموجات فوق الصوتية، حيث يظهر بعض أوجه الخلل في تكون وتطور القلب بشكل بالصورة الصحية والمناسبة لنموه في تلك المرحلة، لتُعلن بعض العلامات البارزة عن وجود تلك العيوب الخلقية بصورة أوضح بعد الولادة في صورة تحول لون جسم الطفل إلى الأزرق.

خاصةً الشفتين والأظافر، واضطراب عملية التنفس مع وجود صوت غريب، خاصةً عند فحصه الطبيب له عن طريق السماعة الطبية فيما يُسمى بالنفخات القلبية والتي تنذر بخلل في الدورة الدموية بقلب الطفل نتيجة لوجود عيب خلقي معين، كما يُلاحظ تأخر الطفل في النمو بشكل ملحوظ؛ حينها يلجأ الطبيب إلى بعض الفحوصات الهامة للوقوف على طبيعة الخلل والتعامل مع بصورة صحيحة مثل:

  • الفحوصات التصويرية للقلب مثل تصوير الرنين المغناطيسي والتصوير باستخدام الأشعة السينية.
  • التخطيط الكهربي لصدى للقلب أثناء الحركة باستخدام الموجات الصوتية، والذي يمكن إجراءه قبل ولادة الطفل أحيانًا.
  • اختبار التأكسد النبضي للوقوف على نسبة الأكسجين بدم الطفل وهي من أهم دلالات العيوب الخلقية القلبية.
  • القسطرة القلبية والتي يمكن استخدامها كإجراء علاجي أيضًا.

نسبة نجاح عملية القلب المفتوح للأطفال؟

تعتبر نسبة نجاح العملية وتحقيق الهدف منها مبشرة جدًا، حيث لا تتعدى نسبة الإخفاق بها 15% من الحالات على أسوأ تقدير، ذلك بفضل التقدم التكنولوجي والطبي الكبير في وقتنا الحالي، سواءً للتشخيص المبكر لوجود الخلل أو التعامل معه من خلال عملية القلب المفتوح، ولكن هناك مجموعةً من العوامل التي تتحكم في تحقيق ذلك أهمها طبيعة جسم الطفل وحالته الصحية مع عمر الطفل؛ وترتفع نسبة الخطورة في بعض الحالات نظرًا لانخفاض وزن الطفل عن الطبيعي، أو الإصابة ببعض الأمراض العضوية الأخرى كأمراض الكبد، وكذلك حالات الأطفال الخدج أو المواليد قبل الوصول إلى  الشهر التاسع من الحمل.

مضاعفات عملية القلب المفتوح للأطفال؟

هل عملية القلب المفتوح خطيرةً للأطفال؟ تساؤل يشغل الكثيرين بمجرد التخطيط لإجراء الجراحة، ولكن القلب المفتوح كغيرها من الجراحات الكبرى قد تطرأ عليها بعض عوامل الخطورة والتي تؤدي إلى بعض المضاعفات الخطيرة، والتي ترتبط بإصابة الطفل ببعض الأمراض المزمنة أو السمنة المفرطة بشكل كبير؛ وتتمثل في:

  • اضطراب معدل ضربات القلب، وضعف عضلة القلب بشكل مؤقت أو دائم في بعض الحالات.
  • الفشل الرئوي الحاد نتيجة لتراكم السوائل على الرئتين، خاصةً مع التعرض للتخدير الكلي لوقت طويل.
  • التعرض لنوع من العدوى الخطيرة في موضع شق الصدر.
  • النزيف المفاجئ، الأمر الذي قد يستدعي استمراره إلى الدخول إلى غرفة العمليات مرةً أخرى، فيما يقارب 4% من الحالات.
  • الإصابة بسكتة دماغية، نتيجة لإعاقة اندفاع الدم المحمل بالأكسجين في الشرايين السباتية بشكل طبيعي.
  • الدخول في نوبة قلبية بسبب تأثر الأوعية الدموية ،خاصةً الأوردة أثناء العملية.

كما تظهر أحيانًا بعض المخاطر المتعلقة بجرح العملية وتصل نسبة حدوثه إلى 10% من الحالات، وفيه يصاب بنوع من العدوى التي تؤدي إلى التهابه وصعوبة الالتئام التام، وهنا تظهر بعض الأعراض مثل احمرار الجلد وانتفاخ الجرح وخروج تسرب قيحي أو سائل منه، لذا يجب الإسراع إلى استشارة الطبيب فور ملاحظة أيٍ من تلك الأعراض.

كيف تتم عملية القلب المفتوح للأطفال؟

يبدأ الطبيب المعالج في تجهيز الطفل للعملية قبل موعدها بنحو 14 يوم حيث يجري الطفل عدد من الفحوصات اللازمة للتأكد من جاهزيته للجراحة وعدم وجود أي عامل قد يهدد نجاح العملية أو حياة الطفل، مثل الاختبارات المعملية وأهمها صورة الدم الشاملة؛ أما في يوم العملة فيمتنع الطفل عن الطعام لمدة لا تقل عن 8 ساعات، لتبدأ مرحلة الجراحة وفيها يخضع الطفل للتخدير الكلي للجسم تحت إشراف طبيب التخدير المختص.

ومن ثم يفتح الجراح عظم القص بصدر الطفل فيما يُعرف ببضع القص للوصول إلى موضع الخلل،  ليتم بعدها توصيل جسم الطفل بجهاز المجازة القلبية الرئوية والذي يعمل كرئة وقلب خارجي يضخ الدم المؤكسج إلى الجسم أثناء توقف القلب عن القيام بوظائفه أثناء الجراحة نتيجة استخدام محلول الكاردبليجا والذي يعمل على إيقاف القلب مؤقتًا والحفاظ علية حتى انتهاء الجراحة وإصلاح الخلل المستهدف من عملية القلب المفتوح، ليستعيد القلب وظيفته مرةً أخرى ثم يغلق بضع القص بواسطة أسلاك فولاذية خاصة.

كم تستغرق عملية القلب المفتوح للأطفال؟

تحتاج العملية للكثير من التحضير والإجراءات والمبيت بالمستشفى قبل إجراء الجراحة، كما تحتاج لذلك بعدها، لكنها تستغرق فترةً تتراوح بين 6 إلى 8 ساعات لتصل إلى 12 ساعة في بعض الحالات الخطرة، التي تحتاج للمزيد من الحذر والدقة، ومراقبة الحالة الصحية للمريض بشكل تام أثناء الجراحة.

فترة النقاهة بعد عملية القلب المفتوح للأطفال

فور إتمام عملية القلب المفتوح يخضع الطفل إلى ملاحظة مكثفة بوحدة العناية المركزة ICU)) فترة قد تصل إلى 4 أيام، وذلك لحاجته إلى التوصيل المؤقت بجهاز التنفس الصناعي وبعض وصلات الوريدية والتي تغذي الطفل بالسوائل والأدوية والعقاقير الطبية اللازمة له في تلك المرحلة الحرجة، بالإضافة إلى بعض أنابيب التصريف، سواءً لتصريف البول من المثانة أو التخلص من الدم والسوائل من جسم الطفل؛ وحينها يخضع جسم الطفل إلى مراقبة دقيقة من خلال وصلات كهربية بأجهزة طبية عالية الدقة والكفاءة؛ ينتقل بعدها الطفل إلى قسم الأطفال بالمستشفى لمدة أسبوع كامل تحت الملاحظة؛ وبعدها تبدأ مرحلة النقاهة والاستشفاء والتي قد تتراوح بين شهر إلى شهرين بعد العملية.

نصائح هامة لفترة النقاهة

يجب أن تحاط فترة النقاهة بقدر كبر من الاهتمام والرعاية للوصول إلى مرحلة التعافي التام بأسرع وقت، وذلك من خلال بعض النصائح والإرشادات الهامة، نذكر منها:

  • اتباع تعليمات الطبيب المعالج بكل دقة والرجوع إليه عند ملاحظة أي تغير في حالة الطفل أو وجود أي خطط جديدة لحياته.
  • الاعتناء بنظافة جرح الصدر واستخدام الدهانات الموضعية الموصوفة من قِبل الطبيب، مع تجنب وصول الماء إليه في الفترة الأولى بعد العملية قدر الإمكان.
  • التدرج في ممارسة الطفل لأنشطته الطبيعية بعد العملية، مع الحرص على عدم بذل مجهود كبير لمدة 6 أسابيع.
  • في حالات عملية القلب المفتوح للأطفال الرضع فيجب تدعيم جسم الطفل وحمله بطريقة صحيحة لتجنب تضرر منطقة الجرح.
  • الاهتمام بحصول الطفل على احتياجاته من العناصر الغذائية الضرورية، من خلال اتباع نظام غذائي صحي ومتكامل.
  • المتابعة الدورية والمنتظمة للطفل بعد العملية، والاستمرار عليها مستقبلاً بمعدل مرة كل ستة أشهر ما لم يحدد الطبيب غير ذلك.
  • ارتداء حزام الصدر لحين التأكد من التئام جرح العملية وشق الصدر تمامًا، مع تجنب حمل الأوزان الثقيلة.

علامات فشل عملية القلب المفتوح للأطفال

التعب المستمر والضعف العام، مع صعوبة التنفس وآلام الصدر، كلها علامات مزعجة قد تُنذر بعدم تحقيق العملية الهدف المنشود منها، بالإضافة إلى فقد الشهية وضيق التنفس مع تغير لون جسم الطفل إلى الأزرق، ويعد الرجفان الأذيني أو الإغماء من أخطر تلك العلامات؛ وهي من التوقعات نادرة الحدوث بشكل كبير حاليًا.

في الختام فإن الدعم النفسي والمعنوي المقدم للطفل من كل المحيطين به من أهم العوامل التي يتوقف عليها نجاح عملية القلب المفتوح للأطفال، وهو من العوامل المساعدة في السيطرة على الكثير من اضطرابات ما بعد الجراحة، والتي ينتاب فيها الطفل حالة من التقلبات المزاجية ونوبات الهياج العصبية الحادة، والتي ما تلبث أن تختفي بشكل تدريجي ويستطيع حينها الطفل الاستمتاع بحياته الطبيعية.

يسعدنا مشاركة المقال